علم.
قال المسعودي: وفي سنة خمس وخمسين وقيل سنة ست وخمسين مات الجاحظ بالبصرة، ولا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه، وحكى يموت بن الزرع عن الجاحظ - وكان خاله - أنه دخل إليه ناس وهو عليل فسألوه عن حاله؟ فقال: عليل من مكانين، من الإفلاس والدين، ثم قال:
أنا في علل متناقضة يتخوف من بعضها التلف، وأعظمها علي نيف وتسعون - يعني عمره - قال أبو العيناء: قال الجاحظ: كان الأصمعي منانيا. فقال له العباس بن رستم: لا والله ما كان منانيا ولكن تذكر حين جلست إليه تسأله، فجعل يأخذ نعله بيده - وهي مخصوفة عن يده ويقول - نعم متاع القدري، نعم متاع القدري، فعلمت أنه يعنيك، فقمت وتركته.
وحكى الخطيب بسند له أنه كان لا يصلي.
وقال الخطابي: هو مغموص في دينه.
وذكر أبو الفرج الأصبهاني: إنه كان يرمى بالزندقة، وأنشد في ذلك أشعارا.
قال ابن قتيبة في اختلاف الحديث: ثم نصير إلى الجاحظ وهو أحسنهم للحجة استثارة وأشدهم تلطفا، لتعظيم الصغير حتى يعظم، وتصغير العظيم حتى يصغر، ويكمل الشئ وينقصه، فتجده مرة يحتج للعثمانية على الرافضة، ومرة للزندقة على السنة، ومرة يفضل عليا ومرة يؤخره، ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ويتبعه أقوال المجان، ويذكر من الفواحش ما يجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر في كتاب ذكر أحد منهم فيه، فكيف في ورقة أو بعد سطر أو سطرين! ويعمل كتابا يذكر فيه حجج النصارى على المسلمين، فإذا صار إلى الرد عليهم تجوز في الحجة كأنه إنما أراد تنبيههم على ما لا يعرفون،