بأنها من شرعه، لأنه لم يحصل له سبب وجوب واستحقاق، بل سبب وجوبها مقدر، كما أنها مقدرة، وليس كذلك ما أوجبناه، لأنا لا نصف بالمنزلة إلا ما حصل استحقاقه وسبب وجوبه، ولو قال عليه السلام صلوا بعد سنة صلاة مخصوصة خارجة عما يعرف من الصلوات، لجاز أن يقال بل وجب أن يكون تلك الصلاة من شرعه قبل حصول الوقت، من حيث ثبت سبب وجوبها.
وبمثل ما ذكرناه سقط قول من يقول: فيجب على كلامكم أن يكون كل أحد منا إماما على سائر الأحوال التي يجوز على طريق التقدير أن يحصل عليها، مثل أن يكون وصيا لغيره وشريكا له، إلى غير ذلك، لأنه على طريق التقدير يصح أن يكون على جميع هذه الأحوال، لوجود أسبابها وشروطها.
وإنما لم يلزم جميع ما عددناه، لما قدمنا ذكره من اعتبار ثبوت سبب المنزلة واستحقاقها، وجميع ما ذكرتم لم يثبت له سبب استحقاق ولا وجوب، ولا يصح أن يقال إنه منزلة.
ثم يقال له: ما نحتاج إلى مضايقتك في وصف المقدر بأنه منزلة، وكلامنا يتم وينتظم من دونه، لأن ما عليه هارون عليه السلام من استحقاق منزلة الخلافة بعد وفاة موسى عليه السلام إذا كان ثابتا في أحوال حياته، صح أن يوصف بأنه منزلة، وإن لم يصح وصف الخلافة بعد الوفاة بأنها منزلة في حال الحياة، لأن التصرف في الأمر المتعلق بحال مخصوصة غير استحقاقه، وأحد الأمرين منفصل عن الآخر، وإذا ثبت أن استحقاقه للخلافة بعد الوفاة يجري عليه الوصف بالمنزلة، ووجب حصوله لأمير المؤمنين عليه السلام كما تحصل لهارون عليه السلام، ثبت له الإمامة بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لتمام شرطها فيه، ألا ترى أن من أوصى إلى غيره وجعل إليه التصرف في أمواله بعد وفاته يجب له ذلك بشرط الوفاة، وكذلك من استخلف غيره بشرط غيبته عن