تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا؟ أخبر أنه يصلي لله تعالى شكرا على ما أنعم عليه.
ثم نعم الله على عباده أجناس مختلفة، منها إيجاده من العدم، وتكرمته بالعقل والحواس الباطنة، ومنها الأعضاء السليمة وما يحصل له بها من التقلب والانتقال من حالة إلى ما يخالفها من نحو القيام والقعود والانحناء. ومنها ما يصل إليه من منافع الأطعمة الشهية والاستمتاع بصنوف المأكولات، ومنها صنوف الأموال التي يتوصل بها إلى تحصيل منافع النفس ودفع المضار عنها، فعلى حسب اختلافها وجبت العبادات.
فأما الإيمان وجب شكرا لنعمة الوجود وقوة النطق وكمال العقل، الذي هو أنفس المواهب التي اختص الإنسان بها من سائر الحيوانات وغيرها من النعم، فالوجوب بإيجاب الله، لكنه بالعقل يعرف أن شكر المنعم واجب، فكان النعم معرفا له، ووجوب شكر المنعم بواسطة المعرفة وهو العقل. وهذا معنى قول الناس: العقل موجب أي دليل ومعرف لوجوب الإيمان بالنظر في سببه، وهو النعم " (1).
وقال أبو شكور الكشي:
" القول في مستحسنات العقل. قالت المعتزلة: الحسن ما يستحسنه العقل والقبيح ما يستقبحه العقل. وقالت عامة الفقهاء: الحسن ما يستحسنه الشرع والقبيح ما يستقبحه الشرع. والتفصيل في هذا حسن، لأن الحسن والقبيح في الأشياء على مراتب، منها ما يكون حسنا بعينه، كالإيمان بالله تعالى، والعبادة، وشكر النعمة. ومنها ما هو حسن بمعنى في غيره كبناء الرباطات والمساجد وإماطة الأذى عن الطريق. وكذلك في القبيح منها ما هو قبيح بعينه كالإشراك