بالكفر، وتكذيب الأنبياء، وتعظيم الأصنام، والمواظبة على الزنا، والسرقة، والنهي عن العبادة والصدق، لأنها غير قبيحة في أنفسها، فإذا أمر الله تعالى بها صارت حسنة، إذ لا فرق بينها وبين الأمر بالطاعة، وأن شكر المنعم، ورد الوديعة، والصدق، ليست حسنة في أنفسها، ولو نهى الله تعالى عنها كانت قبيحة، لكن لما اتفق أنه تعالى أمر بهذه مجانا لغير غرض ولا حكمة صارت حسنة، واتفق أنه نهى عن تلك فصارت قبيحة، وقبل الأمر والنهي لا فرق بينهما.
ومن أداه عقله إلى تقليد يعتقد ذلك فهو أجهل الجهال وأحمق الحمقى، إذا علم أن معتقد رئيسه ذلك، وإن لم يعلم ووقف عليه ثم استمر على تقليده فكذلك، فلهذا وجب علينا كشف معتقدهم، لئلا يضل غيرهم ولا تستوعب البلية جميع الناس أو أكثرهم ".
فأجاب ابن روزبهان: " أقول: جوابه: إنه لا يلزم من كون الحسن والقبح شرعيين بمعنى أن الشرع حاكم بالحسن والقبح، أن يحسن من الله الأمر بالكفر والمعاصي، لأن المراد بهذا الحسن إن كان استحسان هذه الأشياء فعدم هذه الملازمة ظاهر، لأن من الأشياء ما يكون مخالفا للمصلحة لا يستحسنه الحكيم، وقد ذكرنا أن المصلحة والمفسدة حاصلتان للأفعال بحسب ذواتها، وإن كان المراد بهذا الحسن عدم الامتناع عليه، فقد ذكرنا أنه لا يمتنع عليه شئ عقلا، لكن جرى عادة الله تعالى على الأمر بما اشتمل على مصلحة من الأفعال، والنهي عما اشتمل على مفسدة من الأفعال.
فالعلم العادي حاكم بأن الله تعالى لم يأمر بالكفر وتكذيب الأنبياء قط، ولم ينه عن شكر المنعم ورد الوديعة... ".