وحصر رجال الحزب الخلافة في أنفسهم، وأبعدوا غيرهم عنها. إذ قال أبو بكر موجها كلامه للحاضرين في السقيفة: " إني ناصح لكم في أحد هذين الرجلين أبي عبيدة بن الجراح وعمر، فبايعوا من شئتم منهما، فقال عمر: معاذ الله أن يكون ذلك، وأنت بين أظهرنا (1).
وبينما حصرت قيادة الحزب الخلافة في رموزها، كانت جماهير الأنصار الحاضرة تنادي: لا نبايع إلا عليا (2).
فقال عمر لأبي بكر: أبسط يدك أبايعك.
وبعد سنتين من ذلك التاريخ جاءت وصية أبي بكر لعمر: " إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب " (3).
وكما هو حاصل في أي حزب في حصر القرارات والقيادة والأهداف بذلك الحزب، فقد تنكرت قيادة قريش لنداءات الجماهير، والنصوص النبوية، وأصرت على خططها الحزبية، بتعيين قائد حزبها قائدا للأمة.
وجاء في تاريخ الطبري وصف للسقيفة كالآتي: " وكانت فلتة كفلتات الجاهلية " (4).
وتبرز رؤية عمر في دعم أفراد حزب قريش في قوله قبل موته: لو كان معاذ (الأنصاري) حيا لوليته، ولو كان سالم (العجمي) حيا لوليته، ولو كان أبو عبيدة حيا لوليته (5) فكانت رؤية حزبية.