إن سبب امتناع عمر عن قتل سفير قريش، وطلبه من أبي جندل الإقدام على ذلك، يعود إلى معرفة عمر بمقتل القاتل حتما.
وأي معاهدة صلح يتصورها عمر، تبدأ بقتل أحد الموقعين عليها، وفي داخل سقيفة المفاوضات وقبل جفاف حبر الوثيقة؟
وكما توقع النبي (صلى الله عليه وآله) فقد أصبح الصلح مفتاحا لنشر الإسلام وتعاليمه في مكة، على أثر زيارة المسلمين لها وزيارة الكفار للمدينة... فعبر هذه الزيارات سقطت أغشية الحقد والكراهية، وبسقوطها سقط هبل واللات والعزى، فاطلع الكفار على خلق النبي (صلى الله عليه وآله) الكريم، وعظم صفاته، وكمال شريعته، وانبهروا ببركة الإسلام، وأمنه، وأحكامه الغراء، وما فتحه الله عليهم من مدن وأراضي واسعة. وهذه الأسباب هي التي ساعدت على فتح مكة، بعد سنتين من صلح الحديبية، ففتحها الرسول (صلى الله عليه وآله) مظفرا عزيزا، بعد أن زارها مع صحبه في السنة السابعة للهجرة؟!
ولا يعني هذا عدم قدرة الرسول (صلى الله عليه وآله) على فتح مكة في السنة السادسة للهجرة، بل أراد الله سبحانه أن يبين أن الحرب ليست المفتاح الوحيد لنشر الإسلام وفتح الدول. وأراد تعالى فتح مكة للمسلمين سلما لا حربا.
وقد بين الله سبحانه قدرة المسلمين على فتح البلدان قائلا: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا} (1).
حصول فرج للمستضعفين وكان في المستضعفين المعذبين في مكة رجل من أبطال المسلمين يدعى أبا