الفتوحات العظيمة في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) لو عدنا إلى زمن النبي (صلى الله عليه وآله) الذي حكم عشر سنوات في مدينة يثرب لوجدنا أن الانتصارات كانت أعظم وأهم وأخطر. لأن النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة قد بدأ أولا بتأسيس الدولة الإسلامية ونشر الإسلام بين أفرادها. وكانت قبائل العرب واليهود المحيطة بالمدينة والساكنة فيها تحيك المؤامرات للقضاء على الإسلام.
فكانت هجمات قريش وغيرها على المدينة للقضاء على نور الإسلام مستمرة، وأشد هذه الهجمات خطورة كانت هجمة الأحزاب. وبعد فشل هذه الهجمات استمر الجيش الإسلامي في الهجوم ونلاحظ في مسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) أنه ورغم الإمكانات الضعيفة في المدينة ووجود اليهود والمنافقين فيها فقد تحرك نحو الغزو.
فكانت نظرية النبي (صلى الله عليه وآله) الهجوم خير وسيلة للدفاع.
ففي السنة الثانية للهجرة تحرك النبي (صلى الله عليه وآله) وأتباعه للسيطرة على قافلة قريش التجارية. ولم تكن قريش تتصور أن النبي (صلى الله عليه وآله) سيتحول إلى الهجوم عليها بهذه السرعة الخاطفة هذا أولا.
وثانيا إنها لم تتصور إمكانية انتصار جيش النبي (صلى الله عليه وآله) عليها.
لذلك لما ذكرت عاتكة منامها من وقوع صخرة من جبل أبي قبيس وتناثرها في منازل مكة، أدرك أبو جهل تفسير هذا المنام، بانتصار جيش النبي (صلى الله عليه وآله) وانتشار القتلى في دور قريش. فلم يصدق حصول ذلك بهذه السرعة المذهلة. فأقدام النبي (صلى الله عليه وآله) لم تثبت في المدينة، والمنافقون أقوياء فيها، وعلى رأسهم ابن أبي، وكان يهود بني قريظة، وبني قينقاع، وبني النضير في أوج قوتهم.
ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) أوجد نظرية جديدة، تتمثل في الهجوم، ثم الهجوم دون مراعاة لصيف أو شتاء أو كثرة مشاكل وقوة عدو، بالتوكل على الله تعالى.