نظريتان في قيادة الجيوش كانت عقيدة النبي (صلى الله عليه وآله) ونظريته أن يقود الجيوش في الحرب بنفسه، كلما أمكنت الفرصة، وخاصة في الحروب الفاصلة والخطرة، مثل بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، وتبوك ضد الروم. فقد قاد (صلى الله عليه وآله) بنفسه حرب بدر مع أكثر من ثلاثمائة مقاتل داخل جزيرة العرب وقاد جيش تبوك إلى الشام، المؤلف من ثلاثين ألف محارب.
ولم يمنع النبي (صلى الله عليه وآله) من ذلك كبر سنه، ولا خوف مقتله، فتخلو الأرض من نبي (صلى الله عليه وآله) (وهو خاتم الأنبياء). ولم يعتذر بعدم اكماله الرسالة السماوية. فلم يرسل غيره قائدا في الحروب الفاصلة بالرغم من وجود قيادات فذة في جيشه مثل الإمام علي (عليه السلام)، وحمزة.
إذن كانت نظرية النبي (صلى الله عليه وآله) تتمثل في قيادة القائد السياسي للحروب، وعدم تفكيك الأمر إلى قيادتين سياسية وعسكرية. ولما جاء أبو بكر إلى السلطة كانت نظريته تعتمد على مسك زمام السلطتين السياسية والعسكرية. وتستند على عدم قيادة الجيوش بنفسه وعدم حضور ساحات الحرب والجهاد.
فلقد أرسل قيادات عسكرية مثل خالد بن الوليد، وأسامة بن زيد، وابن الجراح لقيادة الجيوش واستقر هو في القيادة السياسية.
وحتى في حروب المعارضة في داخل الجزيرة العربية، التي كانت حروبا فاصلة، فضل أبو بكر عدم المشاركة فيها.
لذلك لم يشترك أبو بكر في أي حرب بعد موت الرسول (صلى الله عليه وآله). ومواقفه هذه في تجنب الحضور والمشاركة في الحرب هي امتداد لما فعله مع عمر في معارك أحد، وخيبر، وحنين، وحملة أسامة.