وذهب عمر إلى أبعد من ذلك حين أوصى لأفراد الحزب بالخلافة والولاية إذ أوصى لسعد بن أبي وقاص بولاية الكوفة وأبي موسى الأشعري بولاية البصرة، ولمعاوية بولاية الشام (1).
إن توجهات أبي بكر وعمر الحزبية هي التي دعتهما لعدم الاعتماد على الحركة القبلية لعشيرتيهما في الخلافة وفي الوظائف الحساسة في الدولة. فلم يعينا زيد بن الخطاب وعبد الله وعبيد الله ابني عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر في جهاز الدولة.
ومقابل هذه الحزبية، المخالفة للنصوص الإلهية والآراء الشعبية، قال الإمام علي (عليه السلام): فجزت قريش عني الجوازي، فقد قطعوا رحمي، وسلبوني سلطان ابن أمي (2).
وأضاف (عليه السلام): اللهم إني أستعينك على قريش، ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا لي (3).
وقد برزت نواة الملتحقين بالإمام علي (عليه السلام) في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) من أمثال عمار، وأبي ذر، وسلمان، والمقداد، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن أبي، وبريدة بن الحصيب، وخالد بن سعيد بن العاص، وأبان بن سعيد بن العاص.
إن حركة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حركة جماهيرية، تسير على النصوص الإلهية، والبيعة الشعبية، وبالتالي فهي حركة تخالف المسيرة الحزبية، التي سار عليها أبو بكر وعمر وابن الجراح وعثمان وابن عوف والمغيرة، وأبو سفيان.
ولكن البعض لم يفهم الفرق بين الحركة الجماهيرية والحركة الحزبية ومن هؤلاء طه حسين.