وفي معركة صفين كما في معركة الجمل وخيبر وبدر وأحد، كان علي (عليه السلام) يحارب كما ذكره جبرائيل في معركة أحد " لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار " (1). فكان علي (عليه السلام) يصارع الأبطال ويبارزهم (وهو قائد الجيش) ويخترق الصفوف، ويطوي اليمين على الشمال بسيفه، غير مبال بنبلهم ورماحهم وسيوفهم.
سأل رجل ابن عباس (رضي الله عنه): أكان علي (رضي الله عنه) يباشر القتال بنفسه يوم صفين؟ فقال:
والله ما رأيت رجلا أطرح لنفسه في متلفة مثل علي (رضي الله عنه) لقد كنت أراه يخرج حاسرا عن رأسه بيده السيف إلى الرجل الدراع فيقتله. ومما يؤثر من شجاعة علي (رضي الله عنه): أنه كان إذا اعتلى قد، وإذا اعترض قط، فالقد: قطع الشئ طولا، والقط:
قطعه عرضا (2).
ولم يكن عنده خوف يمنعه من القتال ولم يختلقوا حججا له أنه لو قتل لتحطم الإسلام أو لضاع المسلمون وبعد معركة الجمل وصفين، تحرك الإمام علي (عليه السلام) بجيشه نحو حرب الخوارج. وفي هذه المعركة أيضا لم يندب شخصا للحرب بدلا عنه، بل ذهب بنفسه، وهناك انتصر عليهم في النهروان مثلما انتصر انتصارا كاسحا على اليهود في خيبر.
وكما كان النبي (صلى الله عليه وآله) في عمر ثلاثة وستين سنة في ساحات الوغى والجهاد، كان الإمام علي (عليه السلام) في هذه السن في ساحات الجهاد، يحارب الناكثين والقاسطين والمارقين. بينما كان عمر يعتقد بضرورة بقائه في عاصمة الدولة الإسلامية، وعدم خروجه للحرب والجهاد ليس في خلافته فحسب بل في خلافة أبي بكر. فلما طلب أبو بكر أن يتجهزوا إلى الروم، فسكت الناس، فقام عمر، فقال: لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لانتدبتموه. فقام عمرو بن سعيد (بن العاص) فقال: