عثمان لم تأت بطريق الصدفة، بل جاءت أثر تحالفات قبلية قرشية غايتها السيطرة على خلافة المسلمين.
فبعد فتح مكة في السنة الثامنة هجرية تبلورت تدريجيا فكرة تأسيس الحزب القرشي، الهادف للسيطرة على الخلافة لصالح قبائل قريش.
وكما هو شأن أي حزب في التعصب لأفكاره، وأهدافه، وأشخاصه، ونبذ أفكار وأهداف وأشخاص التجمعات الأخرى، كذلك كان الحزب القرشي.
وفعلا كان أفراد الحزب القريشي أوفياء لمبدأ توزيع السلطة على قبائل قريش، فكان المرسوم أولا خلافة أبي بكر ثم عمر ثم ابن الجراح، أي خلافة تيم ثم عدي ثم فهر. ولكن حصل تعديل في الخطة بحذف ابن الجراح ليحل محله عثمان الأموي ليتبعه ابن عوف من بني زهرة.
وكانت أم المؤمنين عائشة ركنا مهما في هذا الحزب، لفعاليتها الدائمة، وقدراتها الشخصية القوية. وبالرغم من عدم إعلان الحزب عن نفسه، إلا أن الشواهد كلها تؤيد تأسيسه، وعمله في الأحداث الخطيرة، قبل وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله). ولأن معظم قيادة هذا الحزب كانت من قريش، فقد غلب عليه طابع التجمع القرشي. وكان أهالي قريش هم المؤسسون الأوائل لهذا الحزب، وعقله المفكر وقيادته الأساسية. وفي زمن الخليفة أبي بكر برز نجم عثمان بن عفان في قيادة الحزب، ممثلا لبني أمية ومدعوما من قبل أبي سفيان وقريش، حتى بلغ الأمر به أن كتب وصية أبي بكر لعمر بن الخطاب وأصبح معاوية واليا على الشام.
ولما أقطع أبو بكر أرضا للأقرع بن حابس والزبرقان وكتب لهما كتابا، قال عثمان: أشهدا عمر، فإنه أحرز لأمركما، وهو الخليفة بعده، فأتيا عمر فقال: من كتب لكما هذا الكتاب؟ قالا: أبا بكر (1).