وقال (صلى الله عليه وآله): يا ويح قريش، نهكتهم الحرب، فماذا عليهم لو خلوا بيني وبين العرب، فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم، دخلوا في الإسلام وافرين، وإن أبوا قاتلوني وبهم قوة؟ فما تظن قريش، فوالله الذي لا إله إلا هو، لا أزال أجاهد على الذي بعثني به ربي، حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة (وهي صفحة العنق كناية عن قتله). وقال (صلى الله عليه وآله): والذي نفس محمد بيده، لا تدعوني اليوم قريش إلى خطة يسألوني فيها صلة رحم إلا أعطيتهم إياها.
ويظهر من قول الرسول (صلى الله عليه وآله)، رغبته في الصلح مع قريش، للانفراد بباقي العرب في الجزيرة، فيسهل عليه نشر الإسلام بينهم.
ولما كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يحمل راية الصلح والسلام في يد، ويحمل السيف في اليد الأخرى، تخويفا وتهديدا لقريش... نراه جمع أصحابه للبيعة تحت شجرة، فكانت بيعة الرضوان. فبايعوه بأجمعهم على الموت في نصرته وعلى أن لا يفروا، (وفيهم كهف المنافقين ابن سلول) لم يتخلف منهم إلا رجل يدعى الجد بن قيس الأنصاري. ولما خرج عكرمة بن أبي جهل في خيله، ناوشه المسلمون، ورموهم بالحجارة، حتى أدخلوهم مكة... وعلى أثر ذلك ازداد الرعب في صفوف المشركين، وانخلعت أفئدتهم خوفا من جيش المسلمين الرابض على أبواب مكة.
ومثلما تعهد الرسول (صلى الله عليه وآله) بالصلح مع قريش، فقد وافق على شروطهم للسلام لحكمة إلهية. ولأجل اعتقاد المسلمين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله)، وحكمته، وأفعاله المسددة من الله تعالى فقد سكتوا، ورضوا بشروط الهدنة.
ما شككت إلا يومئذ جاء في تفسير عبد الرحمن السيوطي في تفسير سورة الفتح: فقال عمر بن