من الهجرة وحبسه موثوقا، وحين سمع أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه في الحديبية، احتال حتى خرج من السجن، وتنكب الطريق في الجبال حتى هبط على المسلمين ففرحوا به وتلقوه، لكن أخذ أبوه بتلابيبه يضرب وجهه ضربا شديدا (والمسلمون يبكون رحمة له) وهو يقول: يا محمد هذا أول ما أقاضيك عليه، أن ترده إلي، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إنا حتى الآن لم نفرغ من كتابة الكتاب. قال سهيل: إذا لا أصالحك على شئ. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فأجره لي. قال: ما أنا بمجيره لك. قال:
بلى فافعل. قال: ما أنا بفاعل. فقال مكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى، وهما من وجوه قريش. قد أجرناه لك يا محمد، فأخذاه وأدخلاه فسطاطا وكفا أباه عنه. ثم قال سهيل: يا محمد: قد تمت القضية ووجبت بيني وبينك قبل أن يأتي ابني إليك. قال: صدقت. وحينئذ قال (صلى الله عليه وآله) لأبي جندل: اصبر واحتسب فقد تم الصلح قبل أن تأتي، ونحن لا نغدر وقد تلطفنا بأبيك فأبى، وأن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا (1).
تحريض عمر على قتل سفير قريش ولما تم الصلح وقال النبي (صلى الله عليه وآله): نحن لا نغدر، وبشر أبا جندل بالفرج له ولأصحابه، هنا وثب عمر بن الخطاب إلى أبي جندل، يغريه بقتل أبيه، ويدني إليه السيف.
قال عمر - كما في السيرة الدحلانية وغيرها - رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، وجعل يقول له: إن الرجل يقتل أباه، والله لو أدركنا آباءنا لقتلناهم.