النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاث حملات إلى بلاد الروم (الشام). فيكون النبي (صلى الله عليه وآله) في مدة قصيرة قد فتح جزيرة العرب، وأرسل جيوشه إلى خارجها.
وبهذا يتوضح أن نظرية الغزو والجهاد قد أسسها الرسول (صلى الله عليه وآله) وقادها بنفسه، فتعود المسلمون على هذا الاندفاع والاستبسال لطلب الأجر والثواب والرغبة في الشهادة.
وهذا الاندفاع البطولي لم تقف أمامه جيوش كسرى وجحافل هرقل ولم تصده جبال إيران ولا مضيق الأندلس.
عليه نعرف أن الجهاد والغزو الذي دعا إليه الله في محكم كتابه وحديث رسوله هو الذي علم المسلمين الحرب في سبيل الله لفتح البلدان الأخرى ونشر راية الإسلام.
فلم تقف أمام جيوش المسلمين فيلة رستم، ولا الأعداد الهائلة من جنده، فتلك الجيوش الموحدة التي تعودت على الحرب، بقلة العدد والعدة، والاعتماد على نصر الله، والركون إلى الإيمان، والتوسل بالشهادة، لم تلتفت وراءها، بل صوبت وجوهها إلى الأمام لفتح الحصون تمهيدا لفتح القلوب بنور الإسلام.
وبلغت تلك الجيوش حدا من التوكل على الله سبحانه والاحتماء بالتقوى، أنها كانت تنتصر على الأعداء في جبهات القتال ضد الكفر حتى في زمن ملوك بني أمية البعيدين عن التقوى!
فبينما كانت جيوش الموحدين تستبسل في جبهات القتال في الهند والأندلس، كان الوليد بن يزيد يقضي ليله في الغناء والسكر مع بطانته وحاشيته الفاسدتين. حتى بلغ الأمر من التدهور، أن قتلت السلطة الأموية موسى بن نصير فاتح الأندلس مع أبنائه، كي تسلب منه الشهرة والفخر، وتبقى وحدها صاحبة ذلك؟!