والمعروف أن الجهاد يورث الشدة والقوة والزهد والفرار من الزحف يتلازم في أكثر الأحيان مع الترف واللهو.
ثم برزت مشكلة لاحقة للدول الإسلامية، تمثلت في قيادة جنكيز خان وأبنائه لجيوشهم في غزوهم للدول الإسلامية، وفرار الزعامات الإسلامية (المتمثلة في ملوك ذلك الوقت) من قيادة جيوشها، فانتصر المغول على المسلمين، وقتلوا رجالهم وسبوا نساءهم وأحرقوا مدنهم.
وتبع ذلك الحملات الصليبية على العالم الإسلامي، التي كان يقودها ملوك أوروبا بأنفسهم، من مثل ريتشارد قلب الأسد ملك بريطانيا، ولويس السابع ملك فرنسا، وملوك آخرين من دول أوروبا. ولولا قيادة صلاح الدين الأيوبي لجيوش المسلمين بنفسه، لمواجهة ملوك أوربا في حروبهم الصليبية، لخسر المسلمون ما فتحوه في بداية العصر الإسلامي.
وفي الأندلس بدأت القيادات الإسلامية (زمن الأمويين والمرابطين والموحدين) حكمها بقيادتها لجيوش المسلمين، فانتصرت في الحروب الحاسمة والفاصلة. ووصلت إلى أطراف باريس. ولما انشغل ملوك المسلمين بأنفسهم، وتركوا الجهاد والغزو بأنفسهم، غزتهم جيوش الأسبان، التي كان يقودها الملك فرديناند والملكة ايزابلا. ولما تزوج ذلك الملك من تلك الملكة واتحدت جيوشهما ودولتهما، بدأ العد التنازلي لوجود المسلمين في الأندلس!
والجدير بالملاحظة أن الملكة ايزابلا، قبل زواجها وبعد زواجها من الملك فرديناند، قضت سنوات طويلة من عمرها في ساحات الحرب والغزو ضد المسلمين، ولم تتوقف عن الحرب إلا بعد انتصار الأسبان النهائي على المسلمين؟!!
ولقد تعلمت الملكة ايزابلا هذه السيرة القتالية من ملوك المسلمين الأوائل (1).