معرفة النفس، والتدبر في الحكم التي مضت في خلق الإنسان، وتعبر عن العلم والقدرة المطلقة لخالقه، وهذه الحكم التي شرحت في متن القرآن والأحاديث هي كيفية خلق الإنسان من تراب، وكيفية نشأته من نطفة، وتصوير الجنين في الرحم، ونفخ الروح في الجنين، واختلاف الألسن والألوان، وتأمين الأطعمة المطلوبة... إلخ. وقد فصلت في الباب الثاني وهي من أيسر السبل إلى معرفة الله (1)، وقد أوجز الإمام الصادق (عليه السلام) آيات الحكمة وآثار الصنع في وجود الإنسان بقوله:
" والعجب من مخلوق يزعم أن الله يخفى على عباده وهو يرى أثر الصنع في نفسه بتركيب يبهر عقله وتأليف يبطل حجته " (2).
وقوله (عليه السلام) في بيان الآية 53 من سورة فصلت (وفى أنفسكم أفلا تبصرون):
" إنه خلقك سميعا بصيرا، تغضب وترضى، وتجوع وتشبع، وذلك كله من آيات الله " (3).
من اللافت للنظر أن هشام بن الحكم - وهو من تلاميذ الإمام الصادق (عليه السلام) وأصحابه المتكلمين - استنبط نفس المعنى من الآيات والأحاديث الواردة في معرفة النفس، فقد قال في صدد معرفة الله عن طريق معرفة النفس:
عرفت الله - جل جلاله - بنفسي لأنها أقرب الأشياء إلي، وذلك أني أجدها أبعاضا مجتمعة وأجزاء مؤتلفة... (4).
ويشير في الختام إلى أن القصد من قوله تعالى: (وفى أنفسكم أفلا تبصرون) هو هذا المعنى نفسه.