والأدوات والإمكانيات الداخلية والخارجية لمعرفته بكل طريق متيسر، من هنا قال شيخ المحدثين في تفسير كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إذ قال: " اعرفوا الله بالله ":
" عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها؛ وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججه (عليهم السلام) فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا؛ وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثها، فبه عرفناه " (1).
إن ما أودع الله في داخل وجود الإنسان لمعرفته، هو فطرة معرفته، والعقل والقلب، تلك الأمور التي سيأتي تفصيلها في الفصل الثالث تحت عنوان " مبادئ معرفة الله "، وما جعل في خارج وجوده، هو الوحي والأنبياء.
ومهمة الأنبياء (عليهم السلام)، كما قال الإمام علي (عليه السلام) هي هداية الفطرة والعقل، وإزالة الموانع والحجب التي تحول دون معرفة الله من بصائرهم:
" فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آياته المتعددة... " (2) في ضوء ذلك، وكما ورد في عدة أحاديث (3)، المعرفة من صنع الله، فهو الذي علم الإنسان أدوات معرفته، وهيأ له سبيل كسبها. ويستطيع الإنسان أن يشاهد مظاهر جماله سبحانه ببصيرته جلية، مستظهرا بهداية الأنبياء وإزالة موانع المعرفة.
وانطلاقا من هذا التحليل يمكننا أن نقدم ثلاثة تفاسير واضحة لمعرفة الله بالله وفقا لمراتب معرفة الله: