وهذا التصنيف الذي صنفه الإمام (عليه السلام) لأفراد المجتمع، هو ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، اللهم إلا من فارق أن ما تحدث به الرسول (صلى الله عليه وآله) كان في صيغة الأمر، وأما ما قاله الإمام علي (عليه السلام) فجاء في صورة الخبر، فالرسول الأكرم يأمر المسلم بأن يكون عالما أو متعلما ولا يجيز له أن يكون إمعة، وأما الإمام علي (عليه السلام) فقد أخبر بأن المسلمين في زمانه ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع، والمقصود من " همج رعاع " في كلام الإمام هو صنف الإمعة في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)، أي الذين لا يستقلون بأفكارهم وعقائدهم عن التقليد والتذيل للآخرين في عقائدهم؛ ومن ثم كانوا أخطر الأعداء لحكومة الحق والعدالة. (1) فالذي كان يؤلم الإمام علي (عليه السلام) هو أن غالبية الناس في عصره كانوا من المجموعة الثالثة، كانوا من قبيل " الإمعة "، كانوا إمعين " همجا رعاعا " يفتقرون إلى الاستقلال الفكري والعقائدي، ويميلون مع الريح حيث تميل!!
وأما المتعلمون على سبيل نجاة فهم القليلون، وعلى حد وصف الإمام علي (عليه السلام) لهم في حديثه مع كميل بن زياد النخعي: أنهم لا يستغلون العلم، ولا يستعملون آلة الدين للدنيا، ولا ينقدح الشك في قلوبهم لأول عارض من شبهة، ولاهم منهومون باللذة، ولا سلسو القياد للشهوة أو مغرمون بجمع المال وادخاره.
وأما المتعلمون على سبيل النجاة الذين هم قليلون، فهم العلماء الربانيون الذين وصفهم الإمام في آخر كلامه لكميل بقوله:
أولئك والله الأقلون عددا وهكذا نشاهد أن الإمام كانت ترافقه في الطريق أناس لا هم من أهل التمييز ولاهم من أهل التحقيق، أي: لا هم علماء ولا هم متعلمون. أناس تبع لشخصيات،