الأكبر خبرة وتخصصا وثقة، فإذا ما وصلت بعد التحقيق إلى هذا الطبيب وعرضت الحالة عليه وحدد المرض وكتب وصفة العلاج فإن العقل لا يمكن أن يسمح لك بأن تسأله: على أي أساس أو بأي دليل كتبت هذه الوصفة وأجزت هذه الأدوية، وإنما يقول: لست من أهل التخصص، خذ الوصفة التي يعطيكها الطبيب واعمل بها، فهذا العمل بوصفة الطبيب هو بعينه تقليد الطبيب.
وبناء عليه، فإن هذا العقل الذي يأمر في حالة معرفة الطبيب بأن تذهب وتحقق هو هو الذي يقول في صدد العمل بوصفته: إن تقليد الطبيب لازم ضروري.
فالتحقيق في المسائل العقيدية هو تماما عين التحقيق لمعرفة الطبيب، التحقيق الذي يأمر به العقل ولا يسمح لإنسان بأن يقبل نظرية من الآخرين ويعمل بها دون تحقيق ومعرفة ووعي تام، والتقليد في فروع الدين كالعمل بوصفة الطبيب بعد التعرف والاطلاع على تخصصه والاطمئنان إليه والثقة به، وكما أن تقليد الطبيب بمعنى العمل بنظريته ووصفته لا يخالف أمر العقل بل إنه تنفيذ دقيق لأمر العقل؛ فإن التقليد في فروع الدين يعني العمل بنظرية المجتهد الجامع للشرائط، المتخصص في المسائل الدينية، وهو بكل دقة رجوع إلى العقل وإجراء لحكمه أيضا.