لم يقتصروا على الارتباط بها بعقولهم وأفكارهم ومعارفهم وعقائدهم فحسب، بل لقد ارتبطوا بها مصيريا ارتباطا وثيقا فكانوا ينجرون حيث يجرونهم.
لقد كان الإمام علي (عليه السلام) يسير في قوم أبوا أن يفهموا أو أعوزهم إمكان الفهم بأن الشخصيات التي كانوا يوالونها عرضة للخطأ كغيرهم، فلم تساعدهم عقولهم على أن يفهموا أن من الممكن أن تشتبه الأمور على طلحة والزبير أيضا، وأن مقدسي النهروان ليسوا معصومين من الخطأ كذلك.
وكانت الأوضاع الاجتماعية آنذاك إلى درجة من الغموض والالتباس حتى أن البعض لم يحتمل أن يكون معاوية على خطأ!!
ففي معركة الجمل وجه أحد أصحاب الإمام وهو الحارث بن حوط إلى الإمام (عليه السلام) سؤالا، إن دل فإنما يدل على المستوى الفكري للمسلمين آنذاك، وذلك عندما رأى عائشة (أم المؤمنين) في تلك الحرب على رأس الجيش المضاد، وشخصيات ذات سابقة في الإسلام، مثل طلحة بل والزبير الذي يفوقه بماضيه، حتى لقد كان من المتحصنين أثناء قضية السقيفة ببيت علي (عليه السلام)، يرى في أولئك الصحابة ممن يضربون بسيوفهم عن ركاب (أم المؤمنين) لم يستطع أن يتصور أن هذه الشخصيات البارزة في الإسلام على ضلالة في قتالها ضد علي (عليه السلام)، فقد جاء إلى الإمام وقال:
يا أمير المؤمنين، ما أرى طلحة والزبير وعائشة احتجوا إلا على حق!! (1) وفي رواية أخرى: إن الحارث عندما جاء إلى الإمام قال له:
أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟! (2)