هذا الظلم العقائدي، وبالتالي اعترفوا بخجل بأن آلهتهم غير قادرة على التكلم.
وبهذا - أي بعد ما انحلت عقدة المعتقدات الباطلة وتحطمت سلاسل التقاليد الضالة - تأكد لإبراهيم (عليه السلام) أن الفرصة سانحة للقيام بالكفاح الإعلامي (التبليغ) فقال:
(أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون). (1) إن ما يلفت النظر هنا هو أن الإسلام بعدما يحطم الموانع ويحل عقد الأفكار المخطئة ويحرر الذهن يقول للإنسان: الآن فكر، لترى ماذا يقول العقل، فإن قال:
إن الإسلام صائب، فاقبله واعتنقه، وإن قال: إن المدرسة الفلانية صحيحة، فاقبلها واتبعها، بعبارة أخرى: إن الإسلام لا يفك غلا بالقوة ليستبد له بآخر يحل محله، أو يفرض على الإنسان عقيدة أخرى حتى وإن كانت على أساس من العقل والفكر، بل إنه يدعو إلى اختيار العقيدة على أساس التفكير والتحقيق حتى ولو كانت تلك العقيدة عقيدة إسلامية.
بعد أن فتحت مكة وانصرف الناس عن عبادة الأصنام وأعلن العفو العام دخل أهل الحجاز في دين الله أفواجا، إلا زعماء المشركين الذين كانوا يخلقون المشاكل للمسلمين، فقد باتوا يشعرون بالخطر، مما حداهم إلى الهرب من مكة المكرمة. وكان صفوان بن أمية أحد الهاربين إلى جدة.
فإنه فضلا عن جرائمه الفادحة - كان قد قتل مسلما انتقاما لأبيه أمية بن خلف الذي قتل على أيدي المسلمين في بدر، وذلك عندما صلبه أمام حشد كبير من أهل مكة في وضح النهار، ولهذا أهدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) دمه، فعزم على أن يخرج من