إبراهيم (عليه السلام) الفرصة ودخل معبد الأوثان وحمل عليهم بالفأس وهشمهم إلا واحدا، هو كبيرهم، فعلق الفأس في رقبته وخرج من المعبد. وقد كان (عليه السلام) يهدف من وراء ذلك إلقاء التهمة على عاتق هذا الوثن الأكبر بأنه هو الذي هشم الأوثان الأخرى، وبذلك يخلص أذهان الناس من المعتقدات الخرافية ويحرر أفكارهم.
لما عاد الناس بعد احتفال العيد إلى المدينة علموا بأن المعبد قد خرب، وكأن الأصنام قد اقتتلت وقتلت بعضها بعضا، فدخلوا المعبد وشاهدوا الأصنام جميعا جذاذا، ولم يبق إلا الصنم الكبير والفأس على رقبته.
إن هذا المشهد لا يدل إلا على أن الصنم الكبير هو المتهم لا غيره، إلا أنهم كانوا يدركون بشعورهم الفطري أنه لا يمكن لمجموعة من الكائنات غير الحية العديمة الشعور أن تدخل في نزاع معا، فسارعوا في البحث عن المتهم في الحادث، أي النبي إبراهيم (عليه السلام)، فلطالما انتقد عبادة الأوثان وسبق أن هدد بتحطيمها، فألقوا القبض عليه بتهمة قتل آلهتهم! وشرعوا في محاكمته على مرأى من الملأ.
وقد كان أول سؤال وجه اليه، هو:
(ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم). (1) أجاب (عليه السلام) بما يستهدف إحياء الضمائر الميتة فيهم قائلا بأن الدلائل تشير إلى أن الوثن الأكبر هو الفاعل، فإذا كانت الأوثان لتنطق فاسألوهم ليخبروكم عن الفاعل.
(بل فعله كبيرهم هذا فسلوهم إن كانوا ينطقون). (2) لقد مهد هذا الجواب السبيل للتعقل والتفكير رويدا رويدا، وبات القوم يعلمون خطأ ما كانوا يعتقدون به، وأصبحوا يلومون أنفسهم في ضمائرهم على