ف " الجدال بالتي هي أحسن " يعني ممارسة أسلم الطرق وأليق الأساليب في المناظرة، حتى يتجلى الحق، و " المراء الظاهر " هو الإفادة من الأدلة التي ثبت حجيتها وظهرت قاطعيتها وأيقن بها الجميع، والتي من شأنها أن تفحم الطرف المقابل وتلقمه حجرا.
والإسلام - وهو رسالة أنبياء الله جميعا - هو الواضع الأول لمنهاج النقاش الحر والمناظرة، والنبي (صلى الله عليه وآله) - وهو أعظم رسول إلهي - هو الذي أعلن لأول مرة منهاج النقاش الحر والمناظرة وتلاقي الأفكار السليمة في مجتمع عصر كانت الغلبة فيه للقوة والمال، وعلى هذا الغرار كان هو وعلماء أهل بيته هم الطليعة البارزة في هذا المجال، ومن ثم اختص قسم ملحوظ من كتب الحديث بمناظرات النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام). (1) والجدير بالملاحظة هنا هو أن أسلوب الإسلام للقضاء على المعتقدات غير العلمية أسلوب علمي منطقي تماما، فلم يلجأ ولا يلجأ إلى السيف لهذا الفرض بتاتا، فكان أسلوب الرسول (صلى الله عليه وآله) في الدعوة - بناء على تعليمات القرآن - مبتنيا على إقامة الأدلة والبراهين وبذل المواعظ والنصائح والمناظرة بالتي هي أحسن، وكان (صلى الله عليه وآله) يعلن صراحة بأن أسلوبه وأسلوب من اتبعه لدعوة الناس إلى الإيمان بالله واعتناق الإسلام يستند إلى العلم والبصيرة:
(قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني). (2) وعليه، فإنه غاية من عدم الإنصاف أن يقال: إن الإسلام قد فرض على الناس بالقوة، ولا سيما إذا كان هذا الافتراء قد صدر من جانب أناس قد سودت