ضرورة حرية العقيدة أيضا. فهل يجوز أن يكون عبدة الأصنام والبقر والثعابين و... أحرارا في عقائدهم، في حين أن هذه العقائد مضادة لحرية الفكر مقيده لها؟ (1) هذه المعتقدات الخرافية الباطلة التي ترسبت في الأذهان طوال القرون المتمادية لا يمكن إزالتها بالأساليب المبدئية، ولذا فإن الإسلام يوصي باستخدام القوة لإبادة كل ما من شأنه عرقلة حرية الفكر ويحول دون تحرر المجتمع من العادات والتقاليد البائدة ورواسب الثقافات المتردية. بيد أنه - وكما ذكرنا سابقا - لا يمكن استخدام القوة العسكرية في مواجهة تلك المعتقدات مباشرة، فلهذا يوصي الإسلام بادئ ذي بدء بضرب المعالم والآثار الاجتماعية لتلك المعتقدات والتقاليد المذمومة. فلأجل مكافحة عبادة الأصنام مثلا لابد من هدم معابد الوثنيين مثلما فعل النبي إبراهيم (عليه السلام)، ولمكافحة عبادة البقر يجب رمي العجل في النار كما فعل النبي موسى (عليه السلام).
لقد كان النبي إبراهيم (عليه السلام) أول من كشف سر الخلق في زمانه وأصاب الرؤية الكونية الحقيقية بفكر طليق، (2) وكان يتصدى لقوم يعيشون في الأوهام، قد قيدت المعتقدات الباطلة أذهانهم، فهم محرومون من أيسر تفكير وتعقل؛ وقد حاول إنقاذهم عن طريق الاستدلال والنصح فلم يفلح، الأمر الذي حداه إلى البرهنة العملية على أن الآلهة الأصنام التي كانوا يعبدونها ليست الإله الحقيقي، بل هي من صنع أيديهم.
ففي أحد الأيام خرج الناس من المدينة لأداء مراسم عيد خاص بهم، فاستغل