الباطنية لقبول الحق إذا كانت خالية من أي نوع من الكراهة - كالفظاظة والتعالي والإهانة - وكانت موائمة لليسر والجمال، فالجمال كيسر الحديث وحسن اللقاء وجمال الدافع وحتى ملاحة القائل وما إلى ذلك جميعا لها أثرها الفعال في نفاذ الموعظة إلى مكامن النفس، على أن الأهم من هذا كله أن يكون الواعظ متعظا بما يقول عاملا به فأقبح العظات عظة الواعظ غير المتعظ.
وعليه، فكلما ازدادت الموعظة حسنا ازداد أثرها في نفس السامح، وما أكثر ما كانت العظات الحسنة أبلغ أثرا - في نفوس عامة الناس وجذبهم إلى العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة - من الدليل والبرهان.
أما المواعظ القبيحة فإنها لا تقتصر على كونها عديمة التأثير بل لها رد فعل عكسي يؤدى بالإنسان إلى إنكار ما آمن به بالدليل والبرهان.
3. المناظرة والبحث وهي ثالثة الأساليب العملية في منهاج الإسلام لمكافحة العقائد غير العلمية جنبا إلى جنب مع ما سبق، وهي ما عبر عنها القرآن بألفاظ كالجدال والمراء.
والجدال والمراء أو المناظرة عبارة عن البحث والحوار حول الفكرة على سبيل المنازعة والمغالبة، أو بعبارة أخرى: مصارعة الأفكار على مسرح البحث والحوار.
وللقرآن في مخض الفكر بالمناظرة - الأمر الذي يستوجب بيان الحقائق وتجلي المعتقدات الصحيحة - تعبيران:
الأول: ما ورد في الآية المعنية: الجدال بالتي هي أحسن. والآخر: المراء الظاهر. (1)