للصواب، وما دامت عقائد الإنسان تابعة لمبادئه الخاصة وخارجة عن اختياره وأن الكل أحرار في الإفصاح عن معتقداتهم وأنه لا يجوز فرض الإيمان حتى على أولئك الذين أيقنوا صوابه فلا معنى إذا لمكافحة العقائد الموهومة.
لكن لو تأملنا قليلا اتضح أن هذا الاستنتاج ما هو إلا وهم وتصور، لأن عدم الخيار في العقيدة لا يتنافي وتصحيح العقائد الخاطئة، كما أن حرية الإعلان والتظاهر بالعقيدة لا تنفي مكافحة الأوهام والخرافات العقائدية مكافحة أساسية، بل إنها لتهيئ المجال لهذه المكافحة.
فبينما نرى الإسلام يؤيد حرية التظاهر بالعقيدة من حيث كونها مجالا لتكامل الإنسان نراه يؤكد ضرورة مكافحة العقائد الموهومة، من حيث كونها باعثا على تحرير الفكر من قيود المعتقدات الخرافية الباطلة، ويتنبأ بالنصر النهائي في هذا الكفاح، ويؤمن بيوم يأتي مع مستقبل التاريخ، فيه يتحرر المجتمع البشري قاطبة من قيود المعتقدات الباطلة، وذلك يوم يهيمن الإسلام على العالم أجمع. (1) وأما دليل الإسلام على ضرورة مكافحة المعتقدات الباطلة فهو نفس الدليل الذي يقيمه العقل لنفس الضرورة، والطريق الذي يعينه الإسلام لتصحيح العقائد الفاسدة هو عين الطريق الذي يحدده العقل.
فالإسلام لا يسمح مطلقا للعقائد الباطلة غير الواقعية بأن تؤثر على شاكلة الإنسان وهيئته الباطنية الواقعية وهي مصدر أعماله ومنشأ تصرفاته، فتبتني على أسس مغلوطة غير علمية، أو أنها تبقى على ما هي عليه من غلط إن كان ذلك.
والإسلام لا يسمح مطلقا للعقائد المناقضة للعقل التي من شأنها أن تكبل فكر الإنسان بأن تطعم روحه ببراعمها، فإن كانت قد طعمت فلا يسمح لها أن تبقى