التجرد والعقل الكامل. والحركة الاختيارية نحو القداسة والنقاء، أو الشيطنة والفساد، وهي أيضا حركة في جوهر ذات الانسان، فللانسان مضافا إلى العقل، شهوة وغضب وميول متنوعة، وان قيمته وكرامته بحركته الاختيارية تحت إشراف العقل وإرشاد الأنبياء (عليهم السلام) في المعتقدات والأخلاقيات و السلوكيات، والا غدا شيطانا في هيئة انسان.
ان نظام الوجود لم يخلق عبثا، فكل كائن مخلوق لغاية وهدف، وان بستاني عالم الطبيعة في ايجاده لهذا البستان الجميل قد أخذ بعين الاعتبار نتاجه الممتاز من الثمار الطيبة، والتي هي عبارة عن الشخصيات النقية والكاملة.
إن ظاهرة عظمى كالانسان خلقت لهدف أسمى من الأهداف المادية، فقد خلق الانسان لمعرفة الحق تعالى والقرب من ساحته. (1) ولابد لخالق تلك الظاهرة من تحديد سبل الوصول إلى ذلك الهدف الأسمى. (2) فحينما يصل الانسان إلى مرحلة البلوغ والرشد العقلي، ويؤمن اجمالا بوجود الله الكامل وغير المتناهي، ويدرك نقص نفسه من جهة، وامكان وصوله إلى الكمال والقرب من ساحة الله المقدسة من جهة أخرى، يجد ان توقفه في مرتبة النقص وعدم تحركه نحو الكمال ظلم كبير لنفسه، فيبادر إلى السلوك نحو الله والقرب المعنوي منه، وعندئذ فإن المسير في هذا الطريق الذي لم يسلكه بعد دون مخطط كامل وإرشاد من دليل عالم، لا يكون عملا