المخ، هي واقعية ذات الانسان، وتنسب إليها جميع الادراكات والحركات.
بينما كل فرد منا يدرك حركاته ومدركاته بالوجدان ويراها عائدة اليه، وفي الوقت نفسه يدرك ذاته، بل انه يدرك ذاته في مرتبة متقدمة على ادراكه لحركاته ومدركاته، بنحو انه لو غفل مثلا عن السماء والأرض وجوارحه و جسده وانطوى على نفسه، تبقى ذاته مدركة له - وبحسب المصطلح يدرك ذاته بالعلم الحضوري، وان الذات بنفسها حاضرة عنده، وحقيقة العلم الحضوري معلومة للعالم - فلو كانت ذاته خلية مخصوصة لوجب حضور تلك الخلية بجميع خصوصياتها عنده، ويدرك نفسه بنفسه، في حين ان الامر ليس كذلك.
ونرتب قياسا منطقيا فنقول: " أنا أدرك ذاتي... انا لا أدرك أي خلية " وتكون نتيجة ذلك: " ان ذاتي ليست بخلية ".
هذا مضافا إلى انه لو دخلت صور ونقوش متنوعة على سطح المادة، فان الصورة الأولى ستفقد هويتها وامتيازها بمجرد دخول الصورة الثانية، في حين اننا نرى دخول جميع هذه الصور والمعاني المتنوعة من قنوات مختلفة و انطباعها في أذهاننا مع بقائها متمايزة عن بعضها، فيتضح بذلك ان هوية الانسان الواقعية ليست من سنخ المادة.
مع انه قد مر أيضا ان منشأ جميع الادراكات والحركات امر واحد شخصي غير مادي، لان المادة المتصورة المسماة بالجسم لم تكن واحدا حقيقيا بل هي ذات اجزاء يغيب بعضها عن بعض.
الدليل الرابع: بامكان الانسان ان يحضر في ذهنه وهو مغمض العينين أشياء أكبر من جسمه كالمدينة الكبيرة والجبل الشاهق والصحراء الواسعة و