وان المنتزع الذي هو مفهوم الوجود، معلول للمنتزع منه الذي هو الوجودات الخارجية، كمال قال الشيخ الرئيس (رحمه الله) في بداية النمط الرابع من الإشارات و التنبيهات: " في الوجود وعلله "، وبادر الخواجة نصير الدين الطوسي (رحمه الله) إلى تفسير الوجود بمفهومه، والعلل بمصاديقه، وان العلة والمعلول متلازمان في الوحدة والكثرة، فلو كان مفهوم الوجود مفهوما واحدا ومشتركا، كانت لوجودات الأشياء الخارجية، حقيقة واحدة مشتركة أيضا، غير ان هذه الحقيقة الواحدة لها مراتب ومظاهر مختلفة يرجع ما به الاشتراك وما به الامتياز فيها إلى أصل الوجود، وان تلك المراتب كما هي مشتركة في أصل الوجود، مختلفة فيه أيضا، فيمتاز بعضها من بعض بواسطة الوجود، فوجود بعضها شديد، ووجود بعضها ضعيف، وبعضها كامل، وبعضها ناقص، من قبيل النور الذي هو حقيقة واحدة لها مراتب مختلفة. فخلاصة المقدمة الثانية هي: " ان الوجود حقيقة واحدة ذات مراتب ".
المقدمة الثالثة: يستحيل تصور الثاني للوجود، فالوجود حقيقة محضة و صرفة، لا تقبل التكرار والتثنية؛ إذ بعد الاقرار بإصالة الوجود ووحدته، لا يكون هناك غير الوجود ليصير جزء الوجود أو ينضم اليه ويكثره، ولو فرض وجود ثان لعاد إلى تلك الحقيقة الواحدة وصرف الوجود، ففي الحقيقة لا يمكن افتراض الثاني للوجود الصرف.
المقدمة الرابعة: يطلق الله وواجب الوجود بالذات على الموجود الذي ليس لوجوده أدنى قيد ولاشرط ولا علة، وبعبارة أخرى: ليست له حيثية تقييدية مثل ماهية الانسان وغيره، حيث توجد بضميمة الوجود إليها،