من المبدأ إلى المعاد في حوار بين طالبين - الشيخ المنتظري - الصفحة ٣٨
من مجرد أصل الوجود وصرفه إلى الايمان بالوجود الأزلي الواجب بالذات أي وجود الله تعالى وكمالاته، (1) يتوقف على بيان المقدمات الآتية:
المقدمة الأولى: اننا ننتزع من جميع ما نشاهده من الأشياء التي لها وجود و واقعية عينية، مفهومين متغايرين: أحدهما مختص بذلك الشيء والآخر مشترك بينه وبين غيره من الأشياء، فالانسان مثلا كشئ له واقعية ووجود خارجي، ينتزع ذهننا منه مفهوما يخصه وهو انسانيته وماهيته، وهو مفهوم لا يشاركه فيه غيره، فالانسان وحده هو الانسان، والمفهوم الآخر الذي ينتزعه الذهن هو وجوده الذي يشترك فيه مع غيره، فكما ان الانسان موجود، فكذلك الشجر والجبل والماء وغيرها من الأشياء موجودة أيضا، ولا يمكن القول: بأن كلا المفهومين المنتزعين: مفهوم الانسان ومفهوم الوجود اعتباري، وليس لواحد منهما أي أصالة وواقعية عينية، لان هذا ضرب من السفسطة و انكار للواقعية، وبطلان هذا الانكار بديهي، ولا يمكن أيضا القول: بان كلا المفهومين أصيل وله عينية؛ إذ يلزم من ذلك ان يكون لكل موجود خارجي - له ماهيته المخصوصة - واقعيتان، وبطلان ذلك واضح أيضا، وعليه لابد أن تكون لأحد هذين المفهومين أصالة وتحقق خارجي وواقعية عينية ومنشأية للآثار، والمفهوم الآخر اعتباري منتزع من الأصيل والعيني، وهنا وقع الخلاف بين الفلاسفة في القرون المتأخرة بشأن الأصيل والاعتباري من هذين

1 - " يا من دل على ذاته بذاته "؛ دعاء الصباح.
" بك استدل عليك، فاهدني بنورك إليك "؛ دعاء الامام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة.
" ولا تدرك معرفة الله الا بالله "؛ توحيد الصدوق، الباب 11، ح 7
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست