معلولا لصانعه؛ لان ما صدر عنه هو تحريك أجزاء المصنع، ونقلها من مكان إلى آخر دون المصنع نفسه، وبحسب المصطلح فان المعمار وصانع المصنع، فاعلان لا بنحو الفاعل الفلسفي، اي لا بمعنى واهب الوجود، وانما هما فاعلان بنحو الفاعل الطبيعي أي المحرك.
طبقا لما تقدم في تفسير " الامر بين الأمرين " يكون الله تعالى في طول تسبيب العبد واختياره، وبما انه سبحانه على رأس سلسلة نظام الوجود، فان الفعل الاختياري الصادر عن العبد بمبادئه ومنها العبد نفسه، وعلله الوجودية، تنسب بأجمعها إلى الله تعالى وتقوم به حدوثا وبقاء، وعليه فان فعل العبد ينسب إلى الله واليه. هذا بيان على طريقة الفلاسفة، وهناك بيان أعمق ذكره العرفاء، وقد هام به صدر المتألهين (قدس سره) في رسالة " خلق الأعمال " واعتبره مذهب الراسخين في العلم، نشير اليه هنا اجمالا:
بما أن الله وجود غير متناه، ولا تخلو منه ذرة في الوجود ولا يخلو هو من ذرة فيه، كان هو كل الوجود وكله الوجود " فسبحانك ملأت كل شئ وباينت كل شئ فأنت الذي لا يفقدك شئ " (1)، وفي الوقت ذاته غير متعين ولا محدود بحد مخصوص، فهو وجود واحد شخصي محيط بلحمة الوجود وسداه " عال في دنوه ودان في علوه "، " مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة " (2)