يعني: " تسلق شخص شجرة وأخذ يسرق ثمرها، فأدركه صاحب الشجرة وصاح به: أما تستحي وأنت تسرق ثماري. فأجابه السارق: أنا عبد الله و أتناول من عطائه، فعلام تلوموني حين أستطعم من مائدة الله الغني؟ فانهال صاحب الحقل عليه بسوطه بعد أن شده على الشجرة، فأخذ السارق يستغيث: أما تستحي من الله وأنت تضرب انسانا بريئا؟ فقال صاحب الحقل: اضرب عبد الله، بعصى الله، وأنا لست إلا آلة بيد الله. فقال السارق:
لقد برئت من الجبر وها أنا أذعن بالاختيار ".
* * * واما المعتزلة الذين قالوا بالتفويض، وأنكروا ارتباط حوادث العالم - ومنها افعال الانسان الاختيارية - بالله بقول مطلق، فلم يدركوا معنى المعلولية، فقد ثبت ان نظام العالم المترابط الذي هو نظام الأسباب والمسببات، معلول للحق تعالى، وان الارتباط بين المعلول والعلة ليس أمرا عرضيا يمكن قطعه مع بقاء المعلول، بل ان حقيقة ذات المعلول في الحدوث والبقاء عين الارتباط والتعلق بالعلة، وان قطع ارتباطه بالعلة يساوق الفناء والعدم.
وبعبارة أخرى: ان المعلول ليس له استقلال، وانما هو شعاع لنور العلة، ويستحيل انفصاله عنها.
وقد ارتكبت المعتزلة مغالطة فاحشة في التمثيل بالبناء والمصنع؛ لأن البناء ليس معلولا للمعمار، فما هو المعلول للمعمار ليس سوى حركة اليد وبتبعها حركة أدوات البناء المرتبطة في حدوثها وبقائها بالمعمار، كما ان المصنع ليس