المعتزلة إلى التفويض، واتهم كل من الفريقين الآخر بمخالفة الكتاب والسنة، بل بالكفر والزندقة، والبحث في هذه المسألة واسع وعريض وعميق ولا يمكننا بيانه بالتفصيل، ولكن لا بأس بالإشارة اليه باختصار:
قالت الأشاعرة: ان جميع حوادث العالم تقع بإرادة الله، ولا دخل لأي شيء في ايجادها سوى ارادته، فلو أحرقت النار الفراش ظاهرا، أو قتل السم شخصا، أو فعل الانسان قبيحا أو حسنا، تعلق جميع ذلك بإرادة الله مباشرة، وليس ما نتصوره شرطا لتحقق هذه الأمور الا أرضية لفعل الله، غاية الأمر أن عادة الله جرت ان يؤثر هو تعالى عند تحقق ما نحسبه شرطا وعلة، فحينما تقترب النار من الفراش الجاف، فعند ذلك يحرق الله الفراش بإرادته.
وقالوا: بعد إرادة الانسان لتناول السم يقع بلعه وقتله الانسان بإرادة الله تعالى وفعله مباشرة، فمن قبل الإنسان تحصل إرادة فعل الخير أو الشر فقط، أما نفس العمل فيتم من قبل الله وبإرادته.
وخلاصة الكلام ان تعبد الأشاعرة وايمانهم بالتوحيد الأفعالي، أدى بهم إلى انكار فاعلية غير الله بقول مطلق، وربطوا جميع الحوادث، ومنها أفعال الخير والشر بإرادة الله مباشرة، وهو ما يسمى ب " الجبر " الذي ذهبت اليه الأشاعرة.
بينما ذهبت المعتزلة إلى تنزيه الله تعالى من أعمال الانسان القبيحة التي نسبها اليه الأشاعرة، مما أدى إلى إنكارهم مدخلية الله في فاعلية موجودات العالم بما فيها الانسان، وقالوا: خلق الله العالم ثم تركه يجري، وأخذ كل موجود فيه يباشر اعماله بنفسه، دون ان يكون لله دخل فيها حدوثا وبقاء؛ لأن فيها ما