وهذا شئ يحتمه العقل الواعي، والفكر اليقظ، والضمير الحر، حيث لا قيود من ميراث، ولا رواسب من بيئة، ولا تركة من تربية، بل يجوب الفكر، ويلحق في وسع الأفق، باحثا عن الحقيقة، خاضعا للنتيجة، تأتي من مقدمات صائبة.
وهذا الأسلوب من الحوار، معتمدا العنصر الأساسي:
الوصول إلى الحق - هو ما دل عليه القرآن الكريم:
(أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن). فسواء كانت هناك دعوة إلى الحق، ودلالة على سبيل الله، أو كان هناك دفاع لصد هجوم، ورد معتد، فإن السبيل اللاحب، والطريق القويم إلى ذلك، والدعوة الحكيمة، والجدل بالحسنى، إن لم يكن بالتي هي أحسن.
وإن المردود في هذا الأسلوب، لهو الوصول - معا - إلى الحق، والكشف عن الحقيقة، وتضيق هوة الخلاف، واجتناب أسباب الفرقة.
أو - على أقل تقدير - توضيح الرؤية: وتمزيق الحجاب، الذي يحجب عنها، وإزالة اللبس والشبهة التي قد تحصل من تكثيف الضباب، وما خلفه من تراكمات...
وما كتاب الأخ الصديق الفاضل الحسيب السيد مرتضى الرضوي، سوى شاهد على ما يفيده هذا، وما يقدمه النقاش المستقيم من فتح خير.
فهو قد سار على هذا النهج القويم، حيث قام باتصالات مع بعض رجال الفكر في مصر، وأجرى معهم أحاديث هادفة، ذات أبعاد في تاريخنا الإسلامي، يستهدف منها إزالة شبهة، أو توضيح رؤية، أو تقريبا نحو نقطة التقاء.
وإن مردود هذا الأسلوب الهادف، ليلمسه القارئ: عندما يقف على تلك المناقشات العلمية، التي ضمها الكتاب بين دفتيه.