وأما الشورى فكان لا بد لي منها بعد أن ثبت أقدام آل أمية، فهم الذين أثبتوا قدمي بعد السقيفة، وأعانوني وصاحبي، وعثمان هو الذي آزرني، وأثبت اسمي عندما أغمي على أبي بكر عند كتابة العهد وأولاد أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وجدت فيهم الكفاءة والمعاضدة لصدهم أندادي من الهاشميين، أخص عليا ونخبة الصحابة، ولذا ظلوا لي مكاتفين وأنا بقيت أشد عضدهم، ووجدت فيهم الكفؤ الذي يقيم سيرتي، ويعلن اسمي ويحفظ غيبتي، وإن هي دالت إلى علي وشيعته، فالفضيحة والخسارة لي ولصاحبي الذي سبقني.
وأنا أعرف في عثمان ضعفه، بيد أعرف في معاوية مكره، وقد مددته ما يكفيه لإدامة سلطانه، وبالتالي لقد كان أبو بكر قطب المعارضة وزعيم الحزب الذي شد أزرنا، ولولاه لما قامت لنا قائمة، ولا انقلبت علينا باللائمة، ولكنه البطل الذي عرف كيف يدبر المكيدة، ويحظ بالمصيدة، ويرفع كفتنا، ويبخس ذوي الحق حقه، ويوالي على الحديدة المحماة بطرقة.
حتى استقامت له ولنا الأمور، ولم يكن فيما عندنا دين فنخالفه، أو شرع كان يجب أن نخالفه، بل هو الملك والحق لمن غلب، عليه أسلمنا وبه أيقنا، وما تظاهرنا به فهي شريعة المتخاصمين، وقد اتخذنا خير السبل وأقربها لبلوغ أهدافنا.
تلك هي الحقيقة التي تلوتها صادقا، وبذنوبي معترفا آنفا وسابقا، ساقني هواي ومدني أبو بكر ببغيتي ومناي، ولولاه لما تحديت ولا ركبت المخاطر، ولا أدركت لتحقيقها مناحرة، فقد وفينا الواحد للآخر على الحق والباطل، وجد كل منا لإدراك أهدافنا جد مناضل. فلولاي لما حظي بالخلافة، ولولاه لكان ما أدركته خرافة.