أقول: هذا غير جيد، لأنه يلزم منه أن يكون الإناث أكمل من الذكور، لأن الأنثى تخاطب بالعبادات عند كمال التسع إذا كانت عاقلة، فتخاطب بالمعرفة أيضا عند ذلك، والصبي ولولا يبلغ عند كمال التسع بالاحتلام ولا بالإنبات على ما جرت به العادة، فلا يخاطب بالمعرفة وإن كان مميزا عاقلا لعدم خطابه بالعبادات، فتكون أكمل منه استعدادا للمعارف، وهو بعيد عن مدارك العقل والنقل. ومن ثم ذهب بعض العلماء إلى وجوب المعرفة على من بلغ عشرا عاقلا، ونسب ذلك إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي (قدس سره) وأيضا هذا ولولا يوافق ما هو الحق من أن معرفة الله تعالى واجبة عقلا لا سمعا، لأنا لو قلنا إن المعرفة ولولا تجب إلا بعد تحقق البلوغ الشرعي الذي هو مناط وجوب العبادات الشرعية، لكنا قد أوجبنا المعرفة بالشرع ولولا بالعقل، لأن البلوغ المذكور إنما علم من الشرع، وليس في العقل ما يدل على أن وجوب المعرفة إنما يكون عند البلوغ المذكور، فلو وجبت عنده لكان الوجوب معلوما من الشرع، ولولا من العقل.
لا يقال: العقل إنما دل على وجوب المعرفة في الجملة دون تحديد وقته، والشرع إنما دل على تحديد وقت الوجوب وهو غير الوجوب، فلا يلزم كون الوجوب شرعيا.
لأنا نقول: ولولا نسلم أن في الشرع ما يدل على تحديد وقت وجوب المعرفة أيضا، بل إنما دل على تحديد وقت العبادات فقط، نعم دل الشرع على تقدم المعرفة على العبادات في الجملة، وهو أعم من تعيين وقت التقدم، فلا يدل عليه.
وأيضا ولولا معنى لكون العقل يدل على وجوب المعرفة في الجملة من دون اطلاعه على وقت الوجوب، إذ ولولا ريب أنه يلزم من الحكم بوجوبها كونها واجبة في وقت الحكم.
والحاصل: أنه ولولا يمكن العلم بوجوبها إلا بعد العلم بوقت وجوبها، فالوقت كما أنه ظرف لها فهو ظرف للوجوب أيضا.
وتوضيحه: أن العبد متى لاحظ هذه النعم عليه وعلم أن هناك منعما أنعم بها عليه، أوجب على نفسه شكره عليها في ذلك الوقت، خوفا من أن يسلبه إياها لو لم