العمل الذي قام به رسول الله صلى الله عليه وآله: أنه ربط الخلق بخالقهم! فلو لم يكن النبي موجودا، ولا دينه، فلا وجود لحرف يربط بين الخالق وخلقه! ولكان العالم كله يدور في زوبعة من الضلال، ما بين مشبه وملحد وعابد لغير الله تعالى!
يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
(إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وآله رسولا لإنجاز عدته، وتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته، كريما ميلاده. وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، وطوائف متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره.. فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة). (نهج البلاغة: 1 / 24) كان العالم كله في تلك الدوامة العاصفة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فجاء صلى الله عليه وآله وأخذ منجله النبوي فحصد كل ذلك الحشيش التافه، وغرس بدله شجرة التسبيح الطيبة، وأضاء شجرة التهليل والتوحيد، وأنار في العالم مشعل التسبيح والتحميد وأوصل البشر إلى مستوى أن يقولوا: (الله أكبر.. من أن يوصف)!
نفس: سبحان الله، ماذا تعني؟ هنا تتحير عقول الكمل من البشر.. فقد أوصل النبي المعرفة إلى هنا! أوصل التنزيه إلى هنا.. تنزيه عن الجسم، وتنزيه عن صفات عالم الكون، وهذا هو التنزيه الابتدائي لعامة الناس!
قال النبي سبحان الله، فهدى عقول الألوف كعقل ابن سينا، بل إن ابن سينا لا قيمة له هناك، لقد هدى النبي صلى الله عليه وآله ألوف العقول النيرة كعقول الأنبياء عليهم السلام إلى أقصى ما يمكنهم أن يجدوا اليه طريقا في دائرة الوحي وإمكانيات العقل البشري، والى أدق معاني قوله: كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه، فهو مخلوق مصنوع مثلكم، مردود إليكم! ولا غرو فهو صلى الله عليه وآله نبي الأنبياء عليهم السلام! (2)