ومما يجب التنبيه عليه أن الشرط الأساسي لمعرفة أصول الدين أن يكون مصدرنا فيها القرآن والسنة فقط، فمن القرآن نأخذ أصولها ومن الروايات فروعها وتفصيلها، وما سبب الانحرافات إلا أنا رجعنا في بحوث العقائد إلى غير القرآن والأحاديث.
والإمامة أهم من جميع مسائل البناء العقيدي على الإطلاق، لأنها المقدمة الموصلة إلى الله تعالى! وهذا واضح لكم لأنكم أهل فضل والحمد لله، تعرفون بماذا عرف الله، وبماذا عبد الله تعالى، وتعرفون معنى: لولانا ما عرف الله، ولولانا ما عبد الله، (2) وتعرفون أن الارتباط العلمي والعملي بين العبد وربه يتوقف على توسط الإمامة الكبرى، فلا معرفة إلا عن طريقها، ولا عبادة إلا عن طريقها.. فما هي الإمامة؟
نستعرض آية من القرآن هي أصل المطلب، ونذكر معناها بالإجمال، وهي قوله تعالى: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون. (السجدة: 24)، وفيها أربعة مباحث، أرجو أن تتأملوا فيها:
المبحث الأول: وجعلنا منهم.. فالإمامة أمر مجعول من الله تعالى، لا من السقيفة! والقرآن يعطي هدايته لجميع الناس بالعبارة وبالإشارة، والعلماء والواعون يفهمون هدايته، ولا ذنب للقرآن إذا لم يهتد به غلاظ القلوب والأذهان! وعندما ندرس أصحاب المستويات العالية من العلماء نجد أنهم بعد أن يستكملوا مراحلهم العلمية يعودون إلى مطالعة القرآن! ومطالعة القرآن غير هذه القراءة العادية المعروفة.
وهذه الآية في مطلق الإمامة وليست في الإمامة المطلقة، لأنها في إمامة عدد من أئمة بني إسرائيل، ومع ذلك لا يصح فيهم جعل البشر، بل لا بد