قال: قد وصف نفسه بأنه مريد.
قال الرضا عليه السلام: ليس صفته نفسه، إنه مريد إخبار عن أنه أراد، ولا إخبار عن أن الإرادة اسم من أسمائه. قال سليمان: لأن إرادته علمه.
قال الرضا عليه السلام: يا جاهل! فإذا علم الشئ فقد أراده؟! قال سليمان: أجل.
فقال: فإذا لم يرده لم يعلمه؟! قال سليمان: أجل. قال: من أين قلت ذاك؟ وما الدليل على أن إرادته علمه؟ وقد يعلم ما لا يريده أبدا، وذلك قوله عز وجل: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك (سورة الاسراء: 86)، فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به أبدا!
قال سليمان: لأنه قد فرغ من الأمر، فليس يزيد فيه شيئا. قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود فكيف قال تعالى: ادعوني أستجب لكم؟ قال سليمان: إنما عنى بذلك أنه قادر عليه. قال: أفيعد ما لا يفي به؟! فكيف قال: يزيد في الخلق ما يشاء (سورة فاطر: 1) وقال عز وجل: يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (سورة الرعد: 39) وقد فرغ من الأمر؟!
فلم يحر جوابا!
قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟ قال سليمان: نعم.
قال الرضا عليه السلام: فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون، أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون؟ قال: يعلم أنهما يكونان جميعا.
قال الرضا عليه السلام: إذا يعلم أن إنسانا حي ميت قائم قاعد عمي بصير، في حالة واحدة، وهذا هو المحال! قال: جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر.
قال: لا بأس فأيهما يكون؟ الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون؟
قال سليمان: الذي أراد أن يكون.
فضحك الرضا عليه السلام والمأمون وأصحاب المقالات.
قال الرضا عليه السلام: غلطت وتركت قولك: إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم، وإنه يخلق خلقا وإنه لا يريد أن يخلقهم! وإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون، فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون.