قال سليمان: إنما قلت لا يعلمه لأنه لا غاية لهذا، لأن الله عز وجل وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعا.
قال الرضا عليه السلام: ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم، لأنه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم، وكذلك قال الله عز وجل في كتابه: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب (سورة النساء: 56) وقال لأهل الجنة: عطاء غير مجذوذ (سورة هود: 108) وقال عز وجل: وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة (سورة الواقعة: 32 - 33) فهو عز وجل يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة!
أرأيت ما أكل أهل الجنة وما شربوا ليس يخلف مكانه؟
قال: بلى. قال: أفيكون يقطع ذلك عنهم وقد أخلف مكانه؟ قال سليمان: لا.
قال: فكذلك كلما يكون فيها إذا ألف مكانه فليس بمقطوع عنهم.
قال سليمان: بلى يقطعه عنهم ولا يزيدهم.
قال الرضا عليه السلام: إذا يبيد فيها وهذا يا سليمان إبطال الخلود وخلاف الكتاب، لأن الله عز وجل يقول: لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد (سورة ق: 35) ويقول عز وجل: عطاء غير مجذوذ ويقول عز وجل: وما هم منها بمخرجين (سورة الحجر: 48) ويقول عز وجل: (خالدين فيها أبدا) (سورة النساء: 57) ويقول عز وجل: وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة (سورة الواقعة: 32 - 33) فلم يحر جوابا!
ثم قال الرضا عليه السلام: يا سليمان، ألا تخبرني عن الإرادة فعل هي أم غير فعل؟ قال: بلى هي فعل. قال عليه السلام: فهي محدثة لأن الفعل كله محدث. قال: ليست بفعل. قال: فمعه غيره لم يزل؟ قال سليمان: الإرادة هي الإنشاء. قال: يا سليمان هذا الذي عبتموه على ضرار وأصحابه من قولهم: إن كل ما خلق الله عز وجل في سماء أو أرض أو بحر أو بر، من كلب أو خنزير أو قرد أو إنسان أو دابة، إرادة الله، وإن إرادة الله تحيا وتموت وتذهب وتأكل وتشرب وتنكح وتلذ وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك فيبرأ منها ويعاديها، وهذا حدها. قال سليمان: إنها كالسمع والبصر والعلم.
قال الرضا عليه السلام: قد رجعت إلى هذا ثانية فأخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع؟