حتى رفعه الله إليه، وفي الإنجيل مكتوب: إن ابن البرة ذاهب والبارقليطا جاء من بعده، وهو الذي يحفظ الآصار ويفسر لكم شئ، ويشهد لي كما شهدت له. أنا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل! أتؤمن بهذا في الإنجيل؟ قال: نعم. فقال له الرضا عليه السلام: يا رأس الجالوت أسألك عن نبيك موسى بن عمران عليه السلام. فقال: سل.
قال: ما الحجة على أن موسى ثبتت نبوته؟
قال اليهودي: إنه جاء بما لم يجئ به أحد من الأنبياء قبله.
قال له: مثل ماذا؟ قال: مثل فلق البحر وقلبه العصا حية تسعى، وضربه الحجر فانفجرت منه العيون، وإخراجه يده بيضاء للناظرين، وعلاماته لا يقدر الخلق على مثلها.
قال له الرضا عليه السلام: صدقت في أنه كانت حجته على نبوته أنه جاء بما لا يقدر الخلق على مثله. أفليس كل من ادعى أنه نبي ثم جاء بما لا يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه؟! قال: لا، لأن موسى عليه السلام لم يكن له نظير لمكانه من ربه وقربه منه ولا يجب علينا الإقرار بنبوة من ادعاها حتى يأتي من الأعلام بمثل ما جاء به.
فقال الرضا عليه السلام: فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام ولم يفلقوا البحر، ولم يفجروا من الحجر اثنتي عشره عينا، ولم يخرجوا أيديهم مثل إخراج موسى يده بيضاء، ولم يقلبوا العصا حية تسعى؟ قال اليهودي: قد خبرتك أنه متى ما جاؤوا على نبوتهم من الآيات بما لا يقدر الخلق على مثله، ولو جاؤوا بما يجئ به موسى، أو كان على غير ما جاء به موسى وجب تصديقهم.
قال له الرضا عليه السلام: يا رأس الجالوت، فما يمنعك من الإقرار بعيسى بن مريم وقد كان يحيى الموتى ويبرء الأكمه والأبرص ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا باذن الله تعالى؟ قال رأس الجالوت: يقال إنه فعل ذلك ولم نشهده.
قال الرضا عليه السلام: أرأيت ما جاء به موسى من الآيات شاهدته؟ أليس إنما جاءت الأخبار من ثقات أصحاب موسى أنه فعل ذلك؟ قال: بلى. قال: فكذلك أيضا أتتكم الأخبار المتواترة بما فعل عيسى بن مريم عليه السلام فكيف صدقتم بموسى ولم تصدقوا بعيسى؟
فلم يحر جوابا.
قال الرضا عليه السلام: وكذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به، وأمر كل نبي بعثه الله. ومن آياته