أنه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا، لم يتعلم كتابا ولم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبارهم حرفا حرفا وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم كان يخبرهم بأسرارهم وما يعملون في بيوتهم، وجاء بآيات كثيرة لا تحصى.
قال رأس الجالوت: لم يصح عندنا خبر عيسى ولا خبر محمد، ولا يجوز لنا أن نقر لهما بما لا يصح. قال الرضا عليه السلام: فالشاهد الذي شهد لعيسى ولمحمد صلى الله عليه وآله شاهد زور؟ فلم يحر جوابا.
ثم دعا بالهربذ الأكبر، فقال له الرضا عليه السلام: أخبرني عن زردهشت الذي تزعم أنه نبي ما حجتك على نبوته؟
قال: إنه أتى بما لم يأتنا أحد قبله، ولم نشهده ولكن الأخبار من أسلافنا وردت علينا بأنه أحل لنا ما لم يحله غيره فاتبعناه.
قال عليه السلام: أفليس إنما أتتكم الأخبار فاتبعتموه؟ قال: بلى.
قال: فكذلك سائر الأمم السالفة أتتهم الأخبار بما أتى به النبيون، وأتى به موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام فما عذركم في ترك الإقرار لهم إذ كنتم إنما أقررتم بزردهشت من قبل الأخبار المتواترة بأنه جاء بما لم يجئ به غيره؟ فانقطع الهربذ مكانه.
فقال الرضا عليه السلام: يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام وأراد أن يسأل فليسأل غير محتشم. فقام إليه عمران الصابي وكان واحدا من المتكلمين فقال:
يا عالم الناس لولا أنك دعوت إلى مسألتك لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة والشام والجزيرة، ولقيت المتكلمين فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا ليس غيره قائما بوحدانيته، أفتأذن لي أسألك؟
قال الرضا عليه السلام: إن كان في الجماعة عمران الصابي فأنت هو؟ قال: أنا هو.
قال عليه السلام: سل يا عمران وعليك بالنصفة وإياك والخطل والجور.
فقال: والله يا سيدي ما أريد إلا أن تثبت لي شيئا أتعلق به فلا أجوزه.
قال عليه السلام: سل عما بدا لك، فازدحم الناس وانضم بعضهم إلى بعض.
فقال عمران الصابي: أخبرني عن الكائن الأول وعما خلق.