وسار دعبل حتى وصل إلى قم، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع، فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة، فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها بألف دينار، فامتنع من ذلك، فقالوا له: فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم، وسار عن قم، فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب وأخذوا الجبة منه، فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة فامتنع الأحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها، فقالوا لدعبل: لا سبيل إلى لك إلى الجبة، فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم، فلما يئس من ردهم الجبة سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك، وأعطوه بعضها ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار. وانصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله فباع المأة الدينار التي كان الرضا عليه السلام وصله بها فباع من الشيعة كل دينار بمأة درهم، فحصل في يده عشرة آلاف درهم، فذكر قول الرضا عليه السلام: إنك ستحتاج إلى الدنانير، وكانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت عينها رمدا عظيما، فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم، فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما، ثم إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها، أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما كانتا من قبل ببركة أبي الحسن الرضا عليه السلام. قال مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه: إنما ذكرت هذا الحديث في هذا الكتاب وفي هذا الباب، لما فيه من ثواب زيارة الرضا عليه السلام.
ولدعبل بن علي خبر عن الرضا عليه السلام في النص على القائم عليه السلام أحببت ايراده على أثر هذا الحديث: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: لما أنشدت مولاي الرضا عليه السلام قصيدتي التي أولها:
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قولي: