أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقه القمي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي يقول: لما قدم علي بن موسى الرضا عليه السلام على المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق (رئيس الأساقفة) ورأس الجالوت (عالم من اليهود) ورؤساء الصابئين والهربذ الأكبر (الهرابذة خدم نار المجوس وقيل عظماء الهنود) وأصحاب زردهشت (زرادشت) ونسطاس الرومي (بالرومية عالم بالطب) والمتكلمين (تشمل الفلاسفة وعلماء المذاهب الإسلامية) ليسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل، ثم أعلم المأمون باجتماعهم فقال: أدخلهم علي ففعل، فرحب بهم المأمون ثم قال لهم: إني إنما جمعتكم لخير وأحببت أن تناظروا ابن عمي هذا المدني القادم علي، فإذا كان بكرة فاغدوا ولا يتخلف منكم أحد، فقالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين نحن مبكرون إن شاء الله.
قال الحسن بن محمد النوفلي: فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ دخل علينا ياسر الخادم (خادم للمأمون برتبة وزير) وكان يتولى أمر أبي الحسن عليه السلام فقال له: يا سيدي إن أمير المؤمنين يقرؤك السلام ويقول: فداك أخوك إنه جمع الي أصحاب المقالات وأهل الأديان والمتكلمون من جميع الملل، فرأيك في البكور إلينا إن أحببت كلامهم، وإن كرهت ذلك فلا تتجشم، وإن أحببت أن نصير إليك خف ذلك علينا. فقال أبو الحسن: أبلغه السلام وقل له: قد علمت ما أردت وأنا صائر إليك بكرة إن شاء الله.
قال الحسن بن النوفلي: فلما مضى ياسر التفت إلينا ثم قال لي: يا نوفلي أنت عراقي ورقة العراقي غير غليظة، فما عندك في جمع ابن عمك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات؟! فقلت: جعلت فداك يريد الامتحان ويحب أن يعرف ما عندك؟ ولقد بني على أساس غير وثيق البنيان، وبئس والله ما بنى!
فقال لي: وما بناؤه في هذا الباب؟ قلت: إن أصحاب الكلام والبدعة خلاف العلماء، وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر، وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة، إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صحح وحدانيته! وإن قلت إن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا أثبت رسالته! ثم يباهتونه وهو يبطل عليهم بحجته،