بإنجيلهم، وعلى أهل الزبور بزبورهم، وعلى الصابئين بعبرانيتهم، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم، وعلى أهل الروم بروميتهم، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم! فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته، وترك مقالته ورجع إلى قولي.. علم المأمون الموضع الذي هو سبيله ليس بمستحق له! فعندها تكون الندامة، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم).
يعني بذلك عليه السلام أنه إذا وصل الأمر من النص إلى الدلالة، ومن النظري إلى العملي، فسوف يندم المأمون لأنه سيتضح له ولغيره أن كرسيه في خلافة النبي صلى الله عليه وآله كرسي، مغصوب، وأن صاحب هذا الكرسي غيره!
وبدأ المجلس بكرة، بهجوم من رئيس الأساقفة، وامتد إلى العصر بهجوم الفيلسوف العلماني عمران الصابي! ولا يتسع الوقت لبيان تلك المطالب واللطائف التي استطاعت أن تحملها روايات النوفلي، وهو عالم هاشمي له علاقة حسنة بالإمام عليه السلام وبالمأمون!
وما لبث رئيس الأساقفة أن هوى أرضا، وتحول حاخام اليهود رأس الجالوت إلى مسكين منكسر، وآمن الهزبر الأكبر، وتمرغ نسطاس الرومي بالتراب! وواصل الإمام عليه السلام عمله يحصد بمنجل علومه الربانية أباطيل علماء الأديان والمذاهب واحدا بعد الآخر، وهم يتهاوون صرعى في قاعة المجلس! ولم يبق إلا بهلوان العلمانيين الملحدين عمران الصابي الذي ادخره المأمون ليكون آخر نبل في كنانته!
ونزل عمران الصابي إلى الميدان فإذا هو بحر في علوم عصره، متضلع في كل فروع الفلسفة التي كانت في ذلك العصر، لم يغلبه أحد في مناظرة في