إن فرق الإكسير عن الكيمياء كما يقول القدماء، أن الكيمياء مادة تحول المعدن إلى ذهب، لكن الإكسير مادة تغير طبيعة المواد الأخرى وتعطيها خصائص الإكسير! والإنسان إذا وصل إلى مرحلة من النجاح في الامتحان الإلهي الذي قرره الله له واختصه به، يصبح مثل الإكسير بحيث لو تحركت شفتا إنسان عند قبره ينتقل أثر الإكسير عبر ضريحه اليه، فيحدث انقلابا في روح الزائر، ويصير شهيدا مع النبي صلى الله عليه وآله في بدر!
إن ذلك من تأثير الإمام فيمن يزوره، وخاصية إكسيره التي أثرت في زائره!
فماذا فعل الإمام الرضا عليه السلام حتى وصل إلى هذه الدرجة؟
لقد عبر امتحانات ربه، ومنها ابتلاؤه بذلك العفريت المستكبر! وتحمل في جميع تلك الشدائد وصبر، حتى تعجبت الأنبياء عليهم السلام من صبره!
وماذا عسانا عرفنا عن الإمام الرضا عليه السلام: عن شخصيته، وكيف عاش، وكيف كان يمضي نهاره وليله؟ وكيف امتحنه الله، ونجح في الامتحان؟!
عندما أهدى قميصه إلى دعبل قال له: إحتفظ بهذا القميص، فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة، وختمت فيه القرآن ألف ختمة. (أمالي الطوسي ص 359) (2) وكان يختم القرآن في ثلاثة أيام، لكن كيف؟ لا يمر بآية حتى يرى جوانبها وأطرافها، وسبعة أعماقها، ويستخرج من جواهرها ولآليها!
هذا عمله اليومي عليه السلام، وعندما ابتلي بولاية العهد للمأمون كان مجلسه ينعقد كل يوم، ويواجه أنواع الأحداث والمؤامرات!
ذات يوم قرر المأمون أن يجمع كيده فيجمع له (السحرة) من العلماء والمفكرين من أقطار الدنيا ليناظروه ويفحموه! وخطط لذلك واستعمل فنون دهائه، وأنواع سلطته، وبريق ذهبه! (أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب