يا عيسى: ما أكثر البشر وأقل عدد من صبر، الأشجار كثيرة وطيبها قليل، فلا يغرنك حسن شجرة حتى تذوق ثمرها.
يا عيسى: لا يغرنك المتمرد علي بالعصيان، يأكل رزقي ويعبد غيري، ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه، ثم يرجع إلى ما كان عليه. فعلي يتمرد أم بسخطي يتعرض؟ فبي حلفت لآخذنه أخذة ليس له منها منجى ولا دوني ملجى، أين يهرب من سمائي وأرضي؟!
يا عيسى: قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني والسحت تحت أحضانكم، والأصنام في بيوتكم، فإني آليت أن أجيب من دعاني، وأن أجعل إجابتي إياهم لعنا عليهم حتى يتفرقوا....
يا عيسى: كن رحيما مترحما، وكن كما تشاء أن يكون العباد لك، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين، ولا تله فإن اللهو يفسد صاحبه، ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد، واذكرني بالصالحات حتى أذكرك....
يا عيسى: لا خير في لذاذة لا تدوم، وعيش من صاحبه يزول.
يا ابن مريم لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا إليه، فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبون، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقربون، وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون، دار لا يتغير فيها النعيم ولا يزول عن أهلها.
يا ابن مريم: نافس فيها مع المتنافسين فإنها أمنية المتمنين، حسنة المنظر، طوبى لك يا بن مريم إن كنت لها من العاملين، مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم، لا تبغي لها بدلا ولا تحويلا، كذلك أفعل بالمتقين.
يا عيسى: أهرب إلي مع من يهرب من نار ذات لهب، ونار ذات أغلال وأنكال، لا يدخلها روح، ولا يخرج منها غم أبدا، قطع كقطع الليل المظلم من ينج منها يفز، ولن ينجو منها من كان من الهالكين، هي دار الجبارين والعتاة الظالمين، وكل فظ غليظ، وكل مختال فخور....