مرام الآية، وبماذا افتتحت، وبماذا ختمت؟
افتتحت بحرف فاء، وبكلمة لولا، وفيهما معان!
ثم في كلمة النفر وتعريف النفر، بحث مفصل.
وفي الآية: فرقة وطائفة، وفي كل منهما بحث.
ثم يصل الأمر إلى نتيجة نفر الطائفة، وهي ثلاثة أقسام: التفقه في الدين، وإنذار القوم، والتحذير والحذر.
وتفسيرها بهذا التفصيل لم يكتب، وهذه جار في كل آيات القرآن، وفي كل التفاسير، فعندما يطالعها متبحر في القرآن والسنة، يجد أن كلمات القرآن ما زالت مخزونة في حجاب مستور، ودقائقها ما زالت في صرة لم تفتح!
على أي حال، إذا فهمنا هذه الآية وقرناها بالعمل، ننج من تلك الحسرة التي يقول الله تعالى عنها: (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون). (مريم: 39) ونحن نشير إليها إشارة لا نقول إنها تفسير..
ينبغي التدقيق في كلمتي: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا)، ما هو التفقه وما هو الإنذار، وما الربط بينهما؟ فلو صرفنا حياتنا في هاتين الكلمتين فلا حسرة.
الأولى: التفقه في الدين، وقوله سهل، لكن فهمه والعمل به صعب.
الفقه هو الفهم، والفهم كمال العقل، والعقل دعامة الإنسان.
فإنسانية الإنسان بعقله، وكمال عقله بفهمه، وذلك الفهم هو التفقه!
ومتعلق هذا الفهم، ما هو؟ فالفهم صفة نفسانية ذات تعلق، تتعلق أحيانا بالأرض فيكون المفهوم هو الأرض مثلا، أو السماء.. الخ.
وقيمة الفقه والفهم ترتبط قهرا بمتعلقهما، ومتعلقهما في الآية هو الدين. فإذا عرفنا الدين ما هو، نعرف التفقه في الدين ما هو.