مصيبتي واخلف لي خيرا منها، ولا يلزم الرضى بمرضى وفقر وعاهة، ويحرم بفعل المعصية، وكره لمصاب تغيير حاله وتعطيل معاشه لاجعل علامة عليه ليعرف فيعزى، وهجره للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام. ويحرم الندب أي تعداد محاسن الميت كقوله وا سيداه وانقطاع ظهراه، والنياحة وهي رفع الصوت بالندب، وشق الثوب ولطم الخد ونحوه، كصراخ ونتف شعر ونشره وتسويد وجه وخمشه، لما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. وفيهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة. وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم لعن النائحة المستمعة. وتسن تعزية المسلم المصاب بالميت ولو صغيرا قبل الدفن وبعده، لما روى ابن ماجة وإسناده ثقات عن عمرو بن حزم مرفوعا: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة، ولا تعزية بعد ثلاث، فيقال لمصاب بمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
ذكر الشافعي في كتاب الأم، كتاب الجنائز: قال الشافعي وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه النائحة على الانفراد، لكن يعزى بما أمر الله عز وجل من الصبر والإسترجاع، وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤونة مع ما مضى فيه من الأثر. قال: وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر ولا أن يعلن إلا خيرا، ولا يدعون بحرب قبل الموت، فإذا مات أمسكن.