مشكلتك الأساسية أنك تخلط بين أمرين: أحدهما ما تعتقدون أنه من سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والثاني ما نعتقده نحن في ذلك، ولكل مدرسة منهجها الخاص به، فلا يصح أن تطرح سؤالا تطالب فيه خصمك إقامة دليل صحيح وفق منهجه ومذهبه، ثم تعترض عليه بعد إيراد دليله وفق مذهبه، بأن منهجك ومذهبك غير مقبول عندي.
وتوضيحا للأمر أكثر أقول: إذا أردت أن تحج حنفيا فمرة تبحث معه عن أصل صحة القياس، ومرة تبحث معه عن أن هذه الفتوى لا تنطبق مع أسسكم في القياس، ومن المقبول جدا وفقا لهذا المنحى الثاني أن تقول اعتراضا أن هذا لا يتوافق مع أسس القياس، أما بعد ثبوت موافقة الفتوى لتلك الأسس فمن غير الصحيح أن تنتقد تلك الفتوى لأن منهج القياس مرفوض من قبل آخرين كابن أبي شيبة صاحب المصنف، فهذا خروج عن دائرة البحث وخلط للأوراق، وما نحن بصدده كذلك فلا يصح أن تقيم دليلا ذهب إليه علماؤكم ولم يقبله علماؤنا، وإن كان مستند الدليل عندكم هو حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأنت تعلم أن فقهاء المسلمين اختلفوا في تلك الأحاديث لاختلافهم في فهمها، أو لاختلافهم في حجيتها من جهة السند بسبب اختلافهم في ضوابط الجرح والتعديل.. ناهيك عن عدم اعتماد السنة على كتب الشيعة الروائية وكذلك العكس.
أعيد هنا للتأكيد على أنني عندما أتناول مسألة البكاء على الميت مع بعد العهد، فهو من باب مجاراتك ومسايرتك في البحث، حتى أثبت للقارئ أن ما تقوله لا يتفق حتى مع منهجكم أيضا، أما وفق منهجنا فقد دلت الروايات